📘 تقديم عام للكتاب
يُعدّ كتاب "سوسيولوجيا التربية" للفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي فليب بيرنو أحد أبرز الإسهامات المعاصرة في تفكيك علاقة المدرسة بالمجتمع، حيث يُسائل المنظومة التربوية باعتبارها حقلًا للصراعات الرمزية وإعادة الإنتاج الطبقي. يسعى بيرنو إلى تجاوز النظرة المثالية للمدرسة، نحو مقاربة أكثر واقعية تستند إلى أدوات علم الاجتماع النقدي.
"إن المدرسة لا تُساوي بين الأفراد، بل تعيد توزيع التفاوتات الاجتماعية تحت غطاء من الشرعية والموضوعية."
— فليب بيرنو، ص 17
🔍 إشكالية الكتاب
يطرح بيرنو إشكالية جوهرية: هل تُعدّ المدرسة آلية للترقي الاجتماعي أم جهازًا لإعادة إنتاج الفوارق؟، ويُعيد النظر في تصوراتنا حول الحياد المدرسي من خلال دراسة العلاقة بين البُنى السوسيولوجية والمنهاج الدراسي، وآليات التقييم.
🧩 جدول: أهم الإشكالات التي يطرحها الكتاب
الإشكال | توضيح |
---|---|
الحياد المدرسي | التساؤل عن مدى استقلال المدرسة عن الصراعات الاجتماعية |
التقييم التربوي | هل التقييم ينصف الجميع؟ أم يُكرّس الفوارق؟ |
المنهاج الخفي | ما لا يُقال في الكتب لكنه يُمارس في الفصول الدراسية |
في الجزء الثاني سنتناول أهم المفاهيم النظرية التي يؤسس بها بيرنو تحليله للسوسيولوجيا التربوية مثل: التمييز الرمزي، الرسملة الثقافية، والعنف الرمزي.
المحور الثاني: أدوار المدرسة في المجتمع الحديث
يشير فليب بيرنو إلى أن المدرسة الحديثة أصبحت تلعب أدوارًا متعددة تتجاوز حدود التعليم التقليدي. فهي تقوم بوظائف إدماجية تهدف إلى تشكيل المواطن الصالح، وتنشئة الأفراد على القيم المشتركة، إضافة إلى مهام اقتصادية تتمثل في إعداد اليد العاملة المؤهلة لسوق الشغل. وتُعد المدرسة وسيطًا أساسياً بين الفرد والمجتمع، إذ تساهم في ضبط السلوكيات وتوحيد المرجعيات الثقافية والقيمية.
"ليست المدرسة مؤسسة لنقل المعارف فحسب، بل هي أيضا فاعل اجتماعي يشارك في بناء المجتمع الحديث وإعادة إنتاج نظامه الرمزي والاقتصادي"
— بيرنو، ص. 57
الوظائف المركزية للمدرسة حسب بيرنو:
الوظيفة | الشرح |
---|---|
الوظيفة التربوية | نقل القيم والمعايير الاجتماعية |
الوظيفة الاقتصادية | تأهيل الأفراد لسوق العمل |
الوظيفة السياسية | بناء المواطن وتحقيق الانسجام الوطني |
الجزء الثالث: المدرسة ومهامها في السياق السوسيولوجي
يشير فليب بيرنو إلى أن المدرسة ليست مجرد وسيلة لنقل المعارف، بل إنها تشكل مؤسسة اجتماعية تنخرط في مهام متداخلة:
- ✦ المهمة التعليمية: نقل المعارف والمهارات اللازمة للاندماج في المجتمع والعمل.
- ✦ المهمة الاجتماعية: تنشئة الأفراد وفق قيم المجتمع ومبادئه، بما يعزز الانتماء والهوية الجماعية.
- ✦ المهمة السياسية: تهيئة الأفراد للمشاركة في الحياة العامة عبر قيم المواطنة.
"المدرسة تُكلّف بمهام متناقضة: فهي مدعوة لتعليم أكبر عدد ممكن، ولكن أيضاً لاختيار نخبة متميزة."
— فليب بيرنو، ص. 67
مخطط توضيحي لمهام المدرسة:
🏫 المدرسة ├── 📘 تعليمية │ └── نقل المعارف والمهارات ├── 🤝 اجتماعية │ └── التنشئة وفق القيم الجماعية └── 🗳️ سياسية └── إعداد المواطن للمشاركة في الحياة العامة
يشدد بيرنو على أن هذه المهام لا تُمارَس بمعزل عن سياقها السياسي والاقتصادي والثقافي، مما يجعل أداء المدرسة عرضة للتوترات بين أدوارها المختلفة.
الجزء الرابع: أزمة المدرسة ووظائفها الجديدة
في العقود الأخيرة، شهدت المدرسة تحولات عميقة في أدوارها ومهامها، مما أدى إلى ظهور أزمة بنيوية داخل المؤسسة التعليمية. تتمثل هذه الأزمة في تراجع السلطة التربوية التقليدية، وتضارب التوقعات المجتمعية من المدرسة. لم تعد المدرسة فقط مكانًا لنقل المعارف، بل أصبحت أيضًا مطالبة بضبط السلوك، وتنمية المهارات، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
يوضح بيرنو أن هذه الأزمة ناتجة عن التوسع المدرسي الذي شمل شرائح اجتماعية واسعة لم تكن سابقًا منخرطة في التعليم، مما أدى إلى تداخل المهام التربوية مع المهام الاجتماعية. ونتج عن ذلك تحميل المدرسة مسؤوليات متعددة تفوق طاقتها الأصلية.
"لم تعد المدرسة قادرة على إنجاز جميع الوظائف المنوطة بها، فهي ممزقة بين دورها في تعليم المعارف، وتربيتها للأخلاق، وتحقيقها للاندماج الاجتماعي."
ـ فليب بيرنو، ص: 117
المهام الجديدة التي تواجهها المدرسة
- تحقيق الإنصاف والعدالة بين المتعلمين.
- الاستجابة للحاجات الفردية والجماعية للمتعلمين.
- التحكم في السلوك والانضباط داخل الفصول.
- المساهمة في التنمية المحلية من خلال برامج الدعم والاندماج.
أمام هذه المهام الجديدة، يطرح بيرنو تساؤلاً جوهريًا: هل ما زالت المدرسة تمتلك القدرة على أداء هذه الوظائف مجتمعة؟ أم أننا بحاجة إلى إعادة النظر في أدوارها وتوزيع المهام التربوية والاجتماعية بين الفاعلين المختلفين؟
تعليقات
إرسال تعليق
شكر الله لك